اكتشف فريق بحثي في قسم الصيدلة بكلية الطب بجامعة هونغ كونغ أن دواءً جديداً يستخدم لخفض الغلوكوز لمرضى السكري من النوع الثاني يمكن أن يكون مفيداً في تقليل خطر إصابتهم بأمراض الكلى والجهاز التنفسي، بما في ذلك أمراض الكلى في مراحلها النهائية، ومرض انسداد مجرى الهواء، والالتهاب الرئوي.
وعبر الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية “علم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي” قدم الفريق البحثي دليلاً بالتجارب السريرية على أن مثبطات الناقل “إس جي إل تي 2″، وهي فئة جديدة من أدوية خفض الغلوكوز لمرض السكري من النوع الثاني، توفر إلى جانب التحكم في نسبة السكر بالدم حماية من أمراض الكلى والالتهاب الرئوي.
وقدمت هذه الدراسات دليلا جديدا واقعيا على أن “إس جي إل تي 2” يمكن أن تمنح حماية إضافية لمرضى السكري من النوع الثاني، ويحتمل أن تكون بديلا أفضل لمثبطات “ثنائي ببتيديل ببتيداز- 4” أو “جليبتينز” التي تعد مجموعة أقدم من الأدوية الخافضة للغلوكوز.
وشملت التجارب السريرية بالدراسة 30 ألف مريض يعانون من مرض السكري من النوع الثاني في هونغ كونغ، ووجد الفريق أنه بالمقارنة مع مثبطات “ببتيداز- 4” التقليدية التي يستخدمها المرضى، فإن المثبطات الجديدة “إس جي إل تي 2″ كانت مرتبطة بشكل كبير بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الكلى في مراحلها الأخيرة بنسبة 81 في المئة، وانخفاض خطر الإصابة بالفشل الكلوي الحاد بنسبة 70 في المئة، وانخفاض خطر الإصابة بـ”بيلة الألبومين” (حالة مرضية يتواجد فيها زلال الدم في البول) بنسبة 50 في المئة، فضلاً عن انخفاض أبطأ في معدل “الترشيح الكبيبي المقدر” (اختبار للتحقق من كفاءة الكليتين في جسم الفرد) وكلها أدلة واقعية تشير إلى أن المثبطات الجديدة يمكن أن تمنح تأثيرات وقائية كلوية إضافية.
وبالنسبة إلى نتائج الجهاز التنفسي ارتبطت مثبطات “إس جي إل تي 2” الجديدة، بشكل كبير بانخفاض خطر الإصابة بمرض انسداد مجرى الهواء بنسبة 35 في المئة، وانخفاض معدل تفاقم المرض بنسبة 46 في المئة، بالإضافة إلى انخفاض خطر الإصابة بالالتهاب الرئوي بنسبة 41 في المئة. ورغم ما أثبتته الدراسة القائمة على الملاحظة يؤكد تشيونغ تشينغ لونغ الأستاذ المساعد في قسم الصيدلة أن هناك حاجة لدراسات إضافية لتأكيد النتائج.
ويقول في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة هونغ كونغ “يجب إجراء المزيد من التجارب السريرية المتخصصة والتحليلات المجمعة للدراسات من مجموعات سكانية ومجموعات فرعية مختلفة للخروج بنتيجة مؤكدة بأن دواء "إس جي إل تي 2" يمكن أن يكون عقارا بديلا أفضل لـ"ببتيداز- 4"، ويمكن استخدامه دواءً لضبط نسبة السكر في الدم".
ومثبطات "إس جي إل تي 2" هي مجموعة جديدة من الأدوية لخفض الغلوكوز توصف لمرضى السكري من النوع الثاني. وأظهرت التجارب السريرية خلال السنوات القليلة الماضية أن هذه الأدوية توفر، إلى جانب التحكم في نسبة السكر في الدم، حماية للقلب والأوعية الدموية والكلى للمرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني.
ولكن لم يتضح سابقا إن كانت هذه الأدوية الجديدة قادرة على توفير حماية أفضل للقلب والكلى مقارنة مع الأدوية الأقدم التي تتحكم في نسبة السكر في الدم، والتي تم وصفها للمرضى على نطاق واسع في السنوات الأخيرة مثل مثبطات “ثنائي ببتيديل ببتيداز- 4”.
وأجرى الفريق أيضًا دراسة جماعية أخرى تبحث في ارتباط مثبطات "إس جي إل تي 2" بتقليل خطر داء الانسداد الرئوي والالتهاب الرئوي، لأنه ثبت أن هذه المثبطات تثبط تنشيط جين "كرايوبايرين" في الرئة الذي يؤدي تنشيطه إلى التهاب مجرى الهواء والربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، حسب ما تبيّن في بعض الدراسات على الحيوانات.
وداء السكري من النوع الثاني مرض مزمن معقد يُصاب به المرء عندما لا يستطيع الجسم إنتاج ما يكفي من الأنسولين أو استخدامه بفعالية. ويحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الثاني إلى العلاج للحفاظ على مستويات الأنسولين والسكر في الدم تحت السيطرة. والأنسولين هرمون يفرزه البنكرياس ويتحكم في كمية الجلوكوز في الدم.
وبحسب خبراء "مايو كلنيك" فإن داء السكري من النوع الثاني هو عِلَّة تؤثر على الطريقة التي يتبعها الجسم في تنظيم حركة السكر (الغلوكوز) واستخدامه لتزويد الجسم بالطاقة. وتتسبب هذه الحالة المزمنة في اختلاط كمية كبيرة جدًا من السكر بالدورة الدموية. وفي النهاية، يمكن أن تؤدي مستويات سكر الدم المرتفعة إلى حدوث اضطرابات في الدورة الدموية والجهاز العصبي والجهاز المناعي.
وعند الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، تظهر في الأساس مشكلتان مترابطتان. تتمثل المشكلة الأولى في عدم قدرة البنكرياس على إفراز كمية كافية من الأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم حركة السكر إلى الخلايا، أما المشكلة الأخرى فهي أن الخلايا لا تستجيب لهرمون الأنسولين على النحو الصحيح وبالتالي تمتص كمية قليلة من السكر.
واشتُهر داء السكري من النوع الثاني بأنه يبدأ عادةً عند البالغين، لكن اليوم يمكن أن تبدأ الإصابة بداء السكري من النوع الأول والسكري من النوع الثاني في مرحلة الطفولة وسن البلوغ. وداء السكري من النوع الثاني أكثر شيوعًا بين البالغين الأكبر سنًّا، لكن زيادة عدد الأطفال المصابين بالسِمنة أدت إلى ارتفاع عدد حالات الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بين الشباب.
ولا يوجد علاج لداء السكري من النوع الثاني، لكن يمكن أن يساعد إنقاص الوزن، وتناول الأطعمة الصحية، وممارسة التمارين الرياضية في السيطرة على داء السكري. وإذا لم يكفِ اتباع النظام الغذائي الصحي وممارسة التمارين الرياضية في السيطرة على سكر الدم، فقد تحتاج أيضًا إلى تناول أدوية السكري أو العلاج بالأنسولين.