كتابات وآراء


السبت - 21 يناير 2023 - الساعة 10:26 م

كُتب بواسطة : د. محمد علي السقاف - ارشيف الكاتب



هل اليمن في العام الجديد 2023 سيكون مثل السنوات الماضية في حالة عدم استقرار مزمن ام لاسلم ولا حرب ام سيشهد بصيص نور وأمل في توجه قد يفضي الي سلام قادم وهل حالة السلم ستؤدي الي بلورة صيغة حل جذري لاغلب تحدياته ام مجرد هدنة طويلة الأجل ؟

وهل مستقبل اليمن يمكن الحديث عنه بمعزل عن الاوضاع الإقليمية والصراعات بين القوي الدولية والتنافس بينها للسيطرة علي المواقع الاستراتيجية في المنطقة ؟ وكيف يمكن تصور تأثير العامل الخارجي وتداخله مع علاقات القوي الاقليمية في تحديد مستقبل اليمن ؟

بصيص الامل بنوع من الانفراجة للأزمة اليمنية شديدة التعقيد في هذا العام الجديد يعود من موقع ومضمون ما جاء في إحاطة المبعوث الخاص هانس غروندبرغ سويدي الجنسية الي مجلس الأمن الدولي من صنعاء في يوم الإثنين الماضي 16 يناير كانون الثاني 2023 .

اهمية الاشارة من مكان ارسال المبعوث الخاص رسالته من صنعاء عبر دائرة تلفزيونية مغلقة لها رمزية بما سبق قبل ذلك ان قام بعض مسئولي الحركة بالهجوم وتهديد المبعوث الأممي وتصريحاته التي ادان فيها بعض تصرفات الحوثيين علي خلفية إدانته لتصعيد الميليشيات العسكري والواسع غرب تعز . ان يقوم الان باحاطته من صنعاء يعني ان تلك الهجمات اللفظية تدخل ضمن ادوات الضغط من قبلهم علي المبعوث الأممي .

من ناحية مضمون الإحاطة المتفائلة جاءت بقول هانس غروندبرغ “ ان الفترة الحالية تشهد تغييرا محتملا في مسار الصراع اليمني الممتد لثماني سنوات “مشيرا بهذا الصدد بأنه أجري محادثات إيجابية وبناءة ، اليوم ( الاثنين ) مع القيادة في صنعاء ممثلة في السيد مهدي المشاط . كما انه أجري محادثات مثمرة ايضاً ، خلال الاسابيع الماضية ، مع رئيس مجلس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ، وكذلك مع الشركاء الاقليميين والدوليين في الرياض ومسقط .

والفقرات المهمة التي تجدر الإشارة اليها وتمثل تطورات في جهود المبعوث الاممي واختلاف ذلك من الإحاطات السابقة الي مجلس الأمن بقوله “ إن الفترة الحالية تشهد تغييراً محتملا في مسار الصراع اليمني والحوارات الدائرة تمثل فرصة يجب عدم تضييعها ، مؤكدا أهمية الدعم الإقليمي والدولي. ومشدداً في الوقت نفسه “ علي أهمية تولي اليمنيين زمام العملية . قائلا إن العديد من القضايا المطروحة علي الطاولة ، خاصة المتعلقة بالسيادة ، لا يمكن حلها بشكل دائم إلا من خلال حوار جامع بين اليمنيين .

ويلاحظ حذره الشديد في استخدام المفردات حتي لا يظهر افراط بالتفاؤل ولا انقاص الي ما تحقق من تقدم عبر اتصالاته مع الاطراف . التي كما سيلاحظ بوضوح التمييز بين القضايا التي تخص اليمنيين مباشرة والتي يتوجب منهم التوقف امامها في مواضيع كا القضايا المتعلقة بالسيادة باخذ اليمنيين زمام البحث فيها وحلها دون توضيح اكثر ما تعنيه هذه الفقرة حتي لا توجه اليه اتهامات محاباة طرف علي حساب الطرف الاخر وهي التهم الموجهة في المعتاد الي المبعوثين الي اليمن .

وفي السياق ذاته اعترف المبعوث الأممي بان الوضع لايزال معقداً ومتقلباً حيث ان جهود الحوار المختلفة التي اجراها في الاشهر الماضية اتاحت له تحديد أوضح لمواقف الأطراف ووضع خيارات لحلول مقبولة للطرفين متعلقة بالقضايا العالقة .

وشخصياً لم افهم بعض ماجاء في إحاطته ما قبل النهاية . فهو من جهة اكد الحاجة الي المضي قدماً في سياق نهج أكثر شمولاً يرسم مساراً واضحاً نحو تسوية سياسية مستدامة ، لا يمكن فيها عرض بعض القضايا علي طاولة المفاوضات بمعزل عن غيرها . مشيراً في الوقت ذاته الي وجود تحديات متصلة ومخاوف بشأن الضمانات من قبل جميع الأطراف ، وهي امور حسب قوله يتعين معالجتها بالإضافة الي العمل نحو رؤية مشتركة لإنهاء النزاع ،

مضيفاً قائلا من الضروري ايضاً تجزئة هذه الرؤية لخطوات ملموسة قابلة للتنفيذ ، والا ستنشأ تحديات ستتسبب في تأخير مرحلة التنفيذ ، في نهاية المطاف يجب اتخاذ خطوات لتسهيل عملية شاملة بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة لحل النزاع بشكل مستدام ؟؟ اما ان الترجمة باللغة العربية من موقع المبعوث الأممي لم تكن دقيقة ام ان المبعوث ذاته اضاع خيط تفكيره وإحاطته بالقول الشيء ونقيضه مثل العمل نحو رؤية مشتركة لانهاء النزاع ثم قوله من الضروري تجزئة هذه الرؤية ؟

ما هو واضح وضوح الشمس ما تحقق من فوائد ومزايا بعدم اتساع نطاق القتال لاستمرار البنود العاملة في ظل الهدنة حيث منذ دخولها حيز التنفيذ في 2 أبريل / نيسان العام المنصر نقلت 97 رحلة تجارية ما يقرب من 50,000 مسافر بين صنعاء وعمان ، وتم تسيير 46 رحلة منذ انتهاء الهدنة في 2 أكتوبر / تشرين 2022 وعلي صعيد آخر ، دخلت 81 سفينة وقود ميناء الحديدة ، منها 29 سفينة دخلت بعد انتهاء الهدنة .

وكان المبعوث الأممي وهو يتكلم عن الوقود والطاقة في إحاطته لم يشر مع تعبير اسفه الي ما قام به الحوثيون من اعتداء تكرر عدة مرات علي منابع النفط في كل من حضرموت وشبوة وان كان ادان في بيانه في 22 اكتوبر / تشرين الاول 2022 بشأن الهجوم علي الباخرة النفطية في محطة الضبة ، علماً من المعلوم وجود مناطق نفطية اخري خارج نطاق المحافظتين حضرموت وشبوة . ربما يعود سبب ذلك من مكان ارساله الإحاطة الي مجلس الأمن ؟

لا شك ان دور القوي الاقليمية السعودية وسلطنة عمان ساهما في هذا التقدم والتفاؤل النسبي في ملف الأزمة اليمنية من دون دعمهما الدؤوب لواجه المبعوث الأممي صعوبات جمة في انجاز مهامه وبأمل ان بداية العام الجديد يفتح نافذة نحو سلام دائم ونهاية للمعاناة الانسانية من جراء اكثر من ثمانية أعوام .